الشركات الصينية تفكر في مستقبلها وسط مخاطر التجارة مع أميركا

عندما تم فرض أول دفعتين من الرسوم الجمركية بنسبة 10% تذمر مصدر البضائع الصيني زو جوتينج لكنه لم ير العقبات تعجيزية، وتخلى عن بعض أرباحه وعرض على مصنع دراجات ثلجية مزودة بزلاجات في نبراسكا تخفيضات في الأسعار تتراوح ما بين 5% و10%، وبدا أن الأمر ينجح، حيث وافق المصنع على طلبية قوالب وقطع غيار جديدة.

لكن عندما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رسوم عالمية جديدة بنسبة 34% على البضائع الصينية في الثاني من أبريل الحالي، أصبح زو عاجزًا عن التصديق.

وقال زو، الذي يعمل في مدينة نينجبو شرقي الصين: "ليست هناك أي جدوى، يبدو أنني سأضطر إلى التخلي عن التجارة مع الولايات المتحدة"، وفق وكالة "أسوشيتد برس".

وأعقبت ذلك رسوم جمركية إضافية من ترامب تبلغ 50%، ثم تبعتها زيادة أخرى دفعت الرسوم العالمية على البضائع الصينية إلى 145%، ويقول زو الآن إنه يأمل في أن يتواصل رئيسا الدولتين "إننا بصدد إيقاف الشحنات، حتى يتحدث الرئيسان".

وتدفع الرسوم الجمركية التي تفرضها واشنطن على بكين بنسبة 145% والرسوم الانتقامية التي تفرضها الصين بنسبة 125% الشركات التي تجري صفقات بين الولايات المتحدة والصين إلى الحافة.

ولم يصبح غضب الشركات متعلقًا بطلبياتها المقبلة فحسب بل وباستمرارية أعمالها أيضًا، ما لم تكن هناك انفراجة سريعة.

ويخشى الخبراء من احتمالية تفكك العلاقات التجارية القائمة منذ عقود والتي عززت العلاقة بين أكبر اقتصادين في العالم.

اختبار العلاقات التجارية

وقال أستاذ العلوم المالية في كلية الأعمال بجامعة هونغ كونغ، تشين تشي وو، إنه إذا استمرت الرسوم الجمركية المرتفعة على مدار الستة أشهر المقبلة أو أطول "فإن هذا سيؤدي في الواقع إلى فك ارتباط حقيقي فعال بين الاقتصادين الأميركي والصيني".

وقال المدير الأول لمركز الشؤون الجيواقتصادية في مؤسسة المجلس الأطلسي البحثية، جوش ليبسكي، إنه إذا استمرت الرسوم بالغة الارتفاع سترقى إلى "حظر تجاري تقريبًا"، مما يجعل تصدير مواد منخفضة القيمة مثل الملابس إلى الولايات المتحدة أمرًا مستحيلًا على الصين، كما سيضطر الشركات الأميركية إلى الحصول على احتياحاتها من مكان آخر.

وفي الصين، أعلن المكتب المركزي للرسوم الجمركية بوضوح أنه "ليست هناك إمكانية لموافقة السوق على البضائع الأميركية المصدرة إلى الصين" في ظل المستوى الحالي من الرسوم.

فك الارتباط

شدد الرئيس الأميركي السابق جو بايدن خلال ولايته على أن الولايات المتحدة لا تحاول فك الارتباط مع الصين بل "الحد من المخاطر".

ولقد تبنى نهج "الساحة الصغيرة والسياج العالي"، الذي وضعت إدارته بموجبه عقبات في قطاعات مستهدفة لها تبعات على الأمن القومي مثل الرقائق الإلكترونية المتطورة والذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية.

ويعلن ترامب الآن رسومًا جمركية عالمية على جميع البضائع الصينية، لكنه ذكر أنه راغب في التحدث مع بكين، ولم تتضح أهدافه بعد.

وتساءلت جريتا بايش، التي شغلت منصب المستشار العام لمكتب ممثل التجارة الأميركية بين عامي 2021 و2024: "عم يبحثون في هذه المفاوضات؟ ما إمكانية خفض هذه الرسوم؟ ما المطالب الأخرى التي تريد الولايات المتحدة أن تطرحها، بعيدًا عن إلغاء الصين للرسوم الانتقامية؟".

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية يدعى لين جيان، إن رسالة القيادة الصينية واضحة، إنها لن تتحدث إلا عندما توقف الولايات المتحدة "الضغط الأقصى والسلوك المتقلب المدمر".

وقال لي تشينج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة هونغ كونغ، إن القيادة الصينية منزعجة بسبب استثناء ترامب لها عندما علق الرئيس الأميركي الرسوم الجمركية "المتبادلة" لمدة 90 يومًا عن جميع الدول الأخرى.

وتستكشف الشركات خياراتها في ظل عدم وجود مفاوضات على مستوى القيادة في المستقبل القريب.

وذكرت ليزا لي، التي تعمل في قسم المبيعات بشركة تصنيع ملابس رياضية في مقاطعة خبي شمالي الصين، أن شركتها تتفاوض مع عملائها على اقتسام التكاليف الزائدة.

ومن المبكر القول إن شركتها ستتخلى عن السوق الأميركي، لكنها أوضحت أنها "ستوسع سبل مبيعات أخرى قطعًا" في أستراليا أو أوروبا على سبيل المثال.

التفاؤل يتراجع

وفي هونغ كونغ، قال داني لاو، الذي يدير مصنع طلاء ألومنيوم في مدينة دونجوان القريبة جنوبي الصين، إن أحد عملائه الأميركيين سيواصل الشراء منه في المشروع الجاري لكنه ليس واثقًا من استمرار الشراء بالنسبة للمشروع المقبل.

وقال تقرير لموقع "كايكسين ميديا" الإلكتروني الإخباري المالي إن السفن المتجهة إلى الولايات المتحدة من أحد موانئ مدينة شنغهاي الصينية اختفت تقريبًا يوم الخميس الماضي، بعد يوم من دخول الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب حيز التنفيذ.

وقال هو جيانلونج، مؤسس مكتب استشارات "براندز فاكتوري" الذي يعمل مع الشركات الصينية التي تحاول دخول أسواق فيما وراء البحار، إن حرب الرسوم الجمركية على المدى الطويل قد تدفع الشركات الصينية إلى تنويع سلاسل إمداداتها ونقل جزء من إمكانياتها التصنيعية إلى خارج الصين بل إلى الولايات المتحدة أيضًا.

ومع ذلك، ليس الجميع مستعدا للتخلي عن السوق الأميركي، ويصف زو مصدر البضائع في نينجبو السوق الأميركي بأنه "موثوق ولا يقدم مطالب كثيرة التدقيق".

وأضاف: "إنه أفضل سوق على وجه الأرض.. إنني أنتظر ظهور قوس قزح بعد زوال العاصفة".

مواضيع مرتبطة
التعليقات
or

For faster login or register use your social account.

Connect with Facebook