صرحت كبيرة مسؤولي التجارة في عهد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون بأن الصين تُسجّل فائضاً تجارياً لا يستطيع الاقتصاد العالمي "التعايش معه"، مُحذّرةً من أن صادراتها ستواجه عقبات جديدة دون معالجة الأسباب الداخلية التي تُغذّي هذه الاختلالات.
وقالت شارلين بارشيفسكي في هونغ كونغ: "تستغل الصين التصنيع، وتُقمع الاستهلاك المحلي، وتتوقع أن يستطيع العالم التعايش مع فائض تجاري صيني بقيمة تريليون دولار، وهو أمرٌ لا يستطيعه العالم بالتأكيد"، بحسب ما ذكرته في مقابلة لوكالة "بلومبرغ"، واطلعت عليه "العربية Business".
وأضافت بارشيفسكي، التي تفاوضت على شروط انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية قبل أكثر من عقدين، أن الاتفاق "لم يكن خطأً على الإطلاق"، إذ ساهم في انتشال مئات الملايين من براثن الفقر، وجعل البلاد مُحرّكاً رئيسياً للطلب العالمي خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008.
لكنّها أشارت إلى أن توجّه الصين نحو "المعايير القائمة على السوق" قد انعكس مساره مع تعثّر الإصلاحات المحلية. لقد اعتمدت الصين بشكل متزايد على الاستثمار في التصنيع لدفع النمو، وبدأت في إغراق السوق بالصادرات، وفقاً لبارشيفسكي، التي شغلت منصب الممثلة التجارية للولايات المتحدة من عام 1997 إلى عام 2001. وقالت: "هذا ليس ما يحتاجه العالم - ليس لدينا مشكلة في العرض في العالم، بل لدينا مشكلة في الطلب". "لقد عادت الصين إلى اقتصاد شديد الركود".
وأكدت بارشيفسكي آراء كبار المسؤولين الأميركيين، من وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى سلفه جانيت يلين، الذين حثوا الصين منذ فترة طويلة على إعادة توازن اقتصادها لصالح الاستهلاك. وقد أشارت بكين إلى أنها مستعدة أخيراً لإجراء هذا التحول، حيث تخلق تعريفات دونالد ترامب إلحاحاً إضافياً لتعزيز الطلب المحلي.
ولكن حتى الآن، لا تزال السياسات الفعلية التي طُبقت لتشجيع الإنفاق محدودة. وسيكون من الصعب تحقيق إصلاحات أعمق للنظام الضريبي والخدمات العامة التي دعا إليها العديد من الاقتصاديين بسبب انخفاض دخل الميزانية ومقاومة المقاطعات التي تستفيد من الوضع الحالي. وفي الوقت نفسه، ساهمت الصادرات بما يقرب من ثلث التوسع الاقتصادي للصين في عام 2024، عندما ارتفع الفائض التجاري للبلاد إلى مستوى قياسي بلغ 992 مليار دولار.
أما توقعات الشحنات الخارجية فهي أقل تفاؤلاً بكثير هذا العام بعد أن فرض ترامب رسوماً جمركية إضافية بنسبة 20% على السلع الصينية خلال الشهرين الماضيين. ومع ذلك، فمن المرجح أن يستغرق تأثيرها وقتاً أطول ليتحقق حيث سارع المصدرون إلى تحميل الطلبات مسبقاً، مما أدى إلى زيادة المبيعات في الخارج بنسبة 2.3% في يناير وفبراير مقارنة بالعام الماضي.
ووفقاً لبارشيفسكي، فإن الجهود المبذولة لمنع صادرات الصين في جميع أنحاء العالم لن تشتد إلا إذا أهملت البلاد "المشاكل الهيكلية" في الداخل، بما في ذلك إصلاح شبكة الأمان الاجتماعي الخاصة بها.
وقالت إن الحل الأكثر فعالية لاختلالات التجارة يكمن في الولايات المتحدة.
وحثت بارشيفسكي الحكومة هناك على خفض عجزها المالي والعمل مع الحلفاء لإعادة توجيه سلاسل التوريد وإعادة التصنيع. وأضافت أن على السلطات أيضاً رعاية العاطلين عن العمل بشكل أفضل بعد هجرة الوظائف إلى الخارج والتقدم التكنولوجي.
ووفقاً لبارشيفسكي، يتعين على المسؤولين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري التوصل إلى تفاهم طويل الأمد حول كيفية الحفاظ على القدرة التنافسية للولايات المتحدة، وتطبيق سياسات أكثر اتساقاً في مجالات مثل السياسة المالية وحوافز التصنيع.
وأضافت: "الولايات المتحدة أهم من الصين في حل الاختلالات التجارية".