الأسهم الأميركية تمحو خسائر حادة أعقبت إعلان ترامب "يوم التحرير"

انتعشت الأسهم الأميركية يوم الجمعة، ممحيةً الخسائر الحادة التي تكبّدتها عقب إعلان دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية في ما سماه "يوم التحرير" قبل شهر، وذلك بعد صدور بيانات قوية عن سوق العمل تجاوزت توقعات المحللين.

فقد أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركية إضافة 177 ألف وظيفة خلال شهر أبريل، متجاوزة التوقعات التي أشارت إلى 135 ألف وظيفة فقط وفقًا لاستطلاع أجرته وكالة "بلومبرغ"، رغم أن الرقم شكّل انخفاضًا مقارنة بشهر مارس.

وسجل مؤشر S&P 500 ارتفاعًا بنسبة 1.5% يوم الجمعة، متجاوزًا مستوى إغلاق الثاني من أبريل، وهو اليوم الذي كشف فيه الرئيس الأميركية عن خطة "التعريفات المتبادلة". ويمثل هذا الارتفاع اليومي التاسع على التوالي للمؤشر، وهو أطول سلسلة مكاسب منذ عام 2004، وواحدة من الأطول تاريخيًا 

وكان المؤشر القياسي في وول ستريت قد تراجع بما يصل إلى 15% خلال أيام من التداول المضطرب عقب إعلان ترامب، مما أثار فوضى في الأسواق المالية العالمية.

لكن أسواق الأسهم العالمية استعادت عافيتها إلى حد كبير منذ ذلك الحين، مدعومة بمؤشرات على احتمال تراجع حدة التوترات التجارية، بما في ذلك تصريحات من وزارة التجارة الصينية يوم الجمعة أكدت فيها أن واشنطن عبّرت مؤخرًا عن "رغبة في الانخراط في محادثات" بشأن التجارة.

وقال أجاي راجادياكشا، رئيس قسم الأبحاث العالمية في بنك باركليز: "هذا الارتفاع يبدو مدفوعًا بتوقعات أن الأسوأ في ما يتعلق بالتعريفات قد مرّ". لكنه أضاف: "في الواقع، العكس هو الصحيح. الأسوأ لم يظهر بعد في البيانات. لم يظهر أي شيء حتى الآن".

وقد تكرر هذا التعافي في وول ستريت عبر عدة أسواق حول العالم، حيث هدأت الموجة الأولية من التقلبات التي اجتاحت البورصات العالمية بعد إعلان ترامب عن خطته للتعريفات. وسجلت المؤشرات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وأوروبا مكاسب على مدار عدة أيام.

الأبرز كان مؤشر FTSE 100 البريطاني، الذي ارتفع بنسبة 1.2% يوم الجمعة ليواصل صعوده للجلسة الخامسة عشرة على التوالي، محققًا بذلك أطول سلسلة مكاسب في تاريخه.

وعلى الرغم من تعافي الأسواق، لا يزال الدولار منخفضًا بنحو 4% عن مستواه في "يوم التحرير".

وبعد صدور بيانات الوظائف يوم الجمعة، ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل عامين بمقدار 0.13 نقطة مئوية ليصل إلى 3.83%، في ظل مراهنة المستثمرين على أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركية سيُبقي على معدلات الفائدة مرتفعة لفترة أطول.

وقال مايك ريدل، مدير الصناديق في فيديليتي إنترناشونال: "كان الناس يخشون مفاجأة سلبية لم تتحقق". ولا يزال المتداولون يتوقعون ثلاث تخفيضات على الأقل في أسعار الفائدة هذا العام، غير أن احتمالية خفض رابع تراجعت إلى 30% تقريبًا، بعد أن كانت 60% قبل صدور بيانات التوظيف.

وأعلنت "غولدمان ساكس" أنها أجّلت توقعاتها لأول خفض للفائدة من يونيو إلى يوليو. فيما غرّد ترامب على منصة Truth Social بعد صدور البيانات قائلاً: "على الفيدرالي أن يخفض أسعار الفائدة!!!"، مشيرًا إلى أن "التوظيف قوي، وهناك المزيد من الأخبار الجيدة".

وجاءت أرقام الوظائف في أعقاب عمليات تسريح جماعية نفذها ما يُعرف بـ"وزارة كفاءة الحكومة" التي أطلقها إيلون ماسك، حيث أظهرت البيانات انخفاض عدد الموظفين في القطاع الفيدرالي بمقدار 9 آلاف في أبريل، و26 ألفًا منذ يناير.

وبالإضافة إلى الرقم الرئيسي البالغ 177 ألف وظيفة مضافة في أبريل، تم تعديل رقم مارس نزولًا من 228 ألفًا إلى 185 ألفًا. وظل معدل البطالة عند 4.2% دون تغيير عن مارس.

وقالت كلوديا ساهم، كبيرة الاقتصاديين في New Century Advisors، إن سياسات ترامب الاقتصادية "ليست دقيقة على الإطلاق"، لكن تأثيرها الأولي كان "صغيرًا نسبيًا". وأضافت أنه من المرجّح أن يستغرق الأمر وقتًا حتى تظهر هذه السياسات في الأرقام، "وهذا يعني أن الفيدرالي سينتظر"، متوقعة أن تأتي أي تخفيضات في النصف الثاني من العام وليس خلال الشهرين المقبلين.

وأظهرت بيانات رسمية هذا الأسبوع أول تراجع في الناتج المحلي الإجمالي منذ ثلاث سنوات، لكنه كان مشوّهًا بزيادة كبيرة في الواردات قبل إعلان ترامب عن التعريفات، بينما ظل الطلب المحلي قويًا. ويتوقع كثير من الاقتصاديين أن تُشكّل هذه الرسوم عبئًا على النمو الفعلي خلال الربع الثاني من العام.

وقال جينادي غولدبرغ، رئيس قسم استراتيجيات أسعار الفائدة الأميركية في TD Securities عن بيانات التوظيف: "بشكل عام، هذا مؤشر على أن سوق العمل لم يبدأ بالتدهور بعد"، لكنه أضاف: "لكن المستثمرين لا يزالون قلقين من حدوث مفاجآت سلبية. نحن فقط لا نعرف متى".

مواضيع مرتبطة
التعليقات
or

For faster login or register use your social account.

Connect with Facebook